أسمائهن في سجل الخالدين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أسمائهن في سجل الخالدين
شكلت المرأة الجزائرية عنصرا أساسيا في الثورة التحريرية ، ووقفت إلى جانب شقيقها الرجل في تحمل المسؤولية تجاه الثورة التحريرية وبالتالي كانت المرأة الجزائرية سندا قويا للمجاهدين الذين حملوا السلاح ضد الاستعمار الفرنسي وقد أبلت بلاء منقطع النظير أظهرت من خلاله أنها النفس الثاني للثورة التحريرية، وأدت واجبها الوطني إلى جانب أخيها الرجل، واستطاعت المرأة الجزائرية أن تكون عنصرا فعالا في كسر الحصار الذي حاول الجيش الاستعماري ضربه على المقاومين ، فكانت مساهمتها قوية في تقديم الخدمات الكبيرة التي كانت الثورة بأمس الحاجة إليها.
هي التي شاركت في معركة الجزائر و فضلت الاستشهاد على الاستسلام إنها “حسيبة بن بوعلي”، هي التي عذبت أشد أنواع العذاب في السجون الفرنسية و أخرجت العالم من صمته لأجلها إنها “جميلة بوحيرد”، هي التي اختبأت في مركز لشرطة الفرنسية عندما أصدر مذكرة لإلقاء القبض عليها إنها “لويزة إيغيل أحريز”، هي من حملت السلاح مع الرجل و لم تنم ليالي من أجل إطعام المقاومين أيام الثورة التحريرية هي من ولدت العربي بن مهيدي و ديدوش مراد و زيغود يوسف و هواري بومدين و و و …
المجاهدة جميلة بو باشا
جميلة بوباشا أو (خليدة) و هذا إسمها الثوري ولدت بسانتوجان (بولوغين) في 9 فيفري 1938، تابعت تعليمها الابتدائي بمدرسة الحي، ثم انتقلت مع عائلتها إلى دالي إبراهيم، كان عمرها آنذاك 8 سنوات، وفي هذا السن المبكرة بدأ اهتمامها بما يجري في وطنها، فقد كان والدها مناضلا في حزب الشعب الجزائري.
ولما غادرت المدرسة الخاصة بالعاصمة، نصحها والدها أن تتابع تعليمها لتتكون في مهنة السكرتاريا وهو ما فعلته بالانتساب إلى مدرسة “بيجي Pigier” بساحة “أودان Audin”، كان عمرها آنذاك 17 سنة ومن هنا بدأ توجهها النضالي، فانخرطت جميلة في الاتحاد الديمقراطي لحزب البيان الجزائري بزعامة “فرحات عباس”، وفي سنة 1953 خطت جميلة خطواتها نحو الانخراط في الثورة.
بدأت جميلة بالعمل في صفوف الثوار في سنة 1955، “فقد بدأت بأشياء صغيرة” كتوزيع المناشير، والدعاية للثورة وحمل”القفاف” الصغيرة التي بها القنابل التي تفجر في صفوف الأعداء، وربط الاتصال بين المجاهدين…، لقد استمرت في مثل هذا العمل النضالي إلى غاية سنة 1958، ثم التحقت بالجبال حيث بقيت رغم الأوامر بضرورة لحاقها بتونس أو المغرب، وبعد عدة أسابيع قررت العودة إلى العاصمة، واندمجت في الصفوف العاملة بالعاصمة في خلايا جبهة التحرير الوطني، فقامت بدور توزيع الإعانات لعائلات المجاهدين والمساجين والشهداء
تم توقيفها في 06 فيفري 1960 وهي متلبسة بعملية فدائية ووضعت في السجن العسكري وتم تعذيبها عذابا وحشيا من طرف الجيش الفرنسي الذي كان حاقدا عليها وحكم عليها بالاعدام سنة 1961 ولكنه تم الافراج عنها بموجب اتفاقيات ايفيان في 07 ماي 1962.
المجاهدة جميلة بوعزة
لم يكن يتجاوز عمر الفتاة جميلة سبعة عشر سنة حينما انضمت إلى العمل الفدائي في صفوف جبهة التحرير الوطني، وكانت حينها تلميذة تحضر لشهادة التعليم المتوسط . وأول من ضم جميلة بوعزة إلى الثورة والعمل الفدائي صديقتها “جميلة بوحيرد” ، في سنة 1956 حيث كانت سبقتها إلى ذلك، ثم انضمت إليها “زهرة ظريف” التي قدمت نفسها على أنها ستعمل في سبيل الوطن وتضحي من أجله، وثلاثتهن كن يعملن تحت القيادة المباشرة لـ”ياسف سعدي”.
أول عملية كلفت بتنفيذها جميلة بوعزة ونفذتها ، كانت في شارع “ميشلي” ديدوش مراد حاليا ، وذلك في شهر نوفمبر من عام 1956 ، حيث تلقت قنبلة كبيرة من زميلتها جميلة بوحيرد في شارع “لالير” ، وقطعت بها العديد من الحواجز ، لتضعها كما هو مخطط في مبنى بجانب المصعد، تسبب انفجارها فيما بعد في أضرار مادية كبيرة جدا، بالإضافة إلى الهلع الذي دام أثره أسابيع، بهذه العملية بدأت الفدائية امتحانها ، ومن يومها تأكد ضمها لفرق العمل الفدائي في مدينة الجزائر العاصمة ومحيطها، وكان الاعتماد عليها كبيرا.
لكن التحريات والمتابعات أوقعتها في كمين، وأقتيدت مباشرة إلى منطقة الأبيار وأدخلت عمارة كبيرة كانت في طور الإنجاز، وهناك وجدت زميلتها “جميلة بوحيرد” وشقيقها الذي لم يكن يتجاوز عمره الاثنى عشر عاما. هالها منظر صديقتها التي كانت تقطر دما من كامل وجهها ورأسها، وفي نفس المكان تلقت هي الأخرى من الضرب والتعذيب ما أفقدها وعيها، وحينها اعترفت بانتسابها إلى جبهة التحرير، واعترفت لمعذبيها بأنها كانت واحدة من اللائي زرعن الرعب في مقهى أو شارع أو بناية وأن بنات الجزائر كلهن جميلة، وهن جاهزات في كل حين لزرع المزيد من الذعر.
وبالرغم من أن هذه الجرأة والشجاعة جلبتا لها الكثير من التعذيب ، لم يحصل المحققون من جميلة على شيء يفيدهم، خضعت جميلة خمسة عشر يوما للتحقيقات كانت فيها عرضة للإهانات والتعذيب من كل لون، ثم نقلت بعدها إلى سجن بربروس الشهير، وكانت بوحيرد والعديد من الفدائيات والفدائيين قد سبقوها إلى هناك.
قضت جميلة بوعزة أربعة أشهر كاملة في بربروس، إلى أن جاءت المحاكمة الشهيرة لها ولزميلتها بوحيرد، ومعهما عبد الرحمن طالب، وعبد العزيز مرسلي، والتي كانت نتيجتها الحكم بالإعدام على الجميع، وبعد مجيء الجنرال ديغول إلى الحكم، ونتيجة للضغط العالمي آنذاك على كل استفزازات المستعمر، واحتجاج المنظمات الإنسانية في الكثير من البلدان، وعلى المحاكمة غير العادلة اضطر الجنرال ديغول إلى إلغاء الإعدام بالنسبة للنساء وتعويضه بالسجن المؤبد، ثم أطلق سراحها في أفريل عام 1962.
الشهيدة وريدة لوصيف
الشهيدة البطلة وريدة لوصيف صورتها وهي مضرجة بالدماء بعد أن اخترق رصاص رشاش العدو كامل جسدها فسقطت شهيدة وهي تحمل السلاح، إنها شهيدة الوطن وريده لوصيف من مواليد 24 فيفري 1940 بقالمة تنتسب لأسرة ثورية وطنية متوسطة الحال لأب يدعى “سي السعيد” وأمها “شتوف هنية” تعلقت منذ نعومة أظافرها بنضال الشعب الجزائري رافضة سياسة الأمر الواقع التي يحاول الاستعمار الفرنسي فرضها على الشعب
في السادس من نوفمبر عام 1958 التحقت بصفوف جيش التحرير الوطني بالولاية التاريخية الثانية الشمال القسنطيني، وبعد حياة كلها نضال وجهاد فازت بالشهادة يوم 31 جويلية 1959.
الشهيدة مريم بوعتورة
التحقت بالثورة على مستوى الولاية الثانية سنة 1956 وساهمت في عدة عمليات فدائية وقد أثبتت من خلالها شجاعة نادرة وكانت آخر هذه العمليات الفدائية تلك التي نفذتها إلى جانب زميلها الشهيد “الحملاوي” وكانت هذه العمليات ضد المؤسسات والمنشآت العسكرية ومراكز الشرطة وقتل الخونة والحركة، وبعد الوشاية بهما تم اكتشافهما لذا لجأ الاثنان إلى أحد المنازل والتي تم محاصرته من طرف الجيش الفرنسي الذي قام بنسفه بالديناميت لتسقط المجاهدة “مريم بوعتورة” شهيدة الوطن في 08 جوان 1960.
الشهيدة زليخة عدي
إسمها الحقيقي “يمينة الشايب” ولدت في 7 ماي 1911 بحجوط، ونشأت وكبرت في مدينة شرشال، وهي من عائلة مناضلة.
كان نشاط الشهيدة محل ملاحقة واهتمام من طرف رجال الأمن الفرنسيين، إلا أن شدة كتمانها للسر وحنكتها وذكائها جعلهم يعجزون عن كشف المهام التي كانت تقوم بها وكانت تتمتع بثقة كبيرة لدى المجاهدين، كان لها دور ريادي في نشر الوعي الوطني وإفشال مخططات (ASS) لكسر شوكة الثورة وعزلها عن الشعب، وخاصة في الأرياف المجاورة لمدينة شرشال، كانت تقوم بجمع الأموال وتوفير الأدوية والمؤونة للمجاهدين، وقد حاولت السلطات الاستعمارية بكل الوسائل مطاردتها وإلقاء القبض عليها، ولم يتمكن العدو من معرفة نشاطها ودورها في الإعداد للثورة.
خلفت “أبو القاسم العليوي” عندما استشهد في قيادة الجيش الجزائري في شرشال في الحرب ضد المستعمر، وبعد عملية تمشيط واسعة النطاق، وقعت الشهيدة في قبضة العدو، حيث اعتقلها الجيش الفرنسي في 15 أكتوبر 1957، وتم تعذيبها 10 أيام دون إنقطاع، تم ربطها في سيارة عسكرية كما هو في الصورة وجرها وتعذيبها أمام الملأ لترويع الشعب وكان ينادى في الشعب بأن كل من يتمرد على فرنسا هذا هو جزاءه وأن فرنسا لن ترحم أحدا ولو كن نساء إلا أنها صبرت صبر أيوب ولم تبح بكلمة فكانت أسطورة التاريخ وكانت تصرخ بأعلى صوتها ” يا الخاوة أطلعوا للجبل أطلعوا للجبل”، أبهرت جلادها المحافظ “Costa” الذي كان مكلف بالبحث عنها وكذا بتعذيبها، فقال قولته الشهيرة ” ما نوعية هذا الشعب حتى تكون نسائه من هذه النوعية”.
تم إعدامها رميا من طائرة هيليكوبتر في 25 أكتوبر 1957.
الشهيدة فضيلة سعدان
ولدت فضيلة سعدان سنة 1938 بمدينة قصر البخاري ولاية المدية، بعد سنتين من ميلادها توفي أبوها فانتقلت إلى الحروش قرب قسنطينة، تعلمت منذ نعومة أظافرها حب الوطن فلم تقبل رؤية الفرنسيين الطغاة يحتلون بلدها الحبيب ويشرّدون أطفاله ويجوّعون شعبه، فكانت تكبر ويكبر معها إيمان بتخليص شعبها من مأساته القاسية.
في عام 1957م وبعد خروجها من السجن سافرت إلى فرنسا لتقيم عند أقاربها هناك، حيث أكملت دراستها الثانوية فتحصلت على شهادة البكالوريا بتفوق، وفي عام 1958م سجن الفرنسيون أختها “مريم سعدان” فعادت إلى أرض الوطن وأصبحت فدائية بجيش التحرير الوطني، في 17 جوان سنة 1960 تمت محاصرتها من طرف الفرنسيين هي ونفر من رفاقها المقاومين الثوار ، في منزل قرب قسنطينة، حيث تم تفجير المنزل بمن فيه فسقطت شهيدة ممزقة الى اشلاء.
صورة للمناضلات الجزائريات من اليسار الى اليمين :سامية لخضاري رحمها الله – زهرة ظريف – جميلة بوحيرد – حسيبة بن بوعلي رحمها الله
احصائيات لمشاركة المرأة الجزائرية في الثورة
مع انطلاق شرارة الثورة الجزائرية لبت المرأة النداء فساندت أخاها الرجل و آزرته خاصة بعد انعقاد مؤتمر الصومام 20 أوت 1956، حيث كان حضور المراة إبان الاحتلال قويا و لكن قوة تلك المشاركة تبقى محدودة في الكتابة التاريخية .
و توجد احصائية اعلنت عنها وزارة المجاهدين سنة 1974 تؤكد أن عدد المجاهدات اللواتي شاركن في الثورة من خلال الملفات المعتمدة بلغت حوالي 10949 مجاهدة اي ما يعادل 3.25 % منهن 9194 مدنية و 1755 عسكرية إلا ان هذا الرقم يظل محل استغراب حيث يكون من المفروض انه ارتفع اكثر من ذلك.
ليست هناك تعليقات